بقلم: مزوار أحمد ياسين
في
العقد الاخير , نحن نلاحظ الاهتمام الكبير للرياضة من طرف الإنسان, بكل
أنواعها سواء الجماعية منها أو الفردية , ولهذا أصبحت مجالا كبيرا
للاستثمار و بيئة صالحة لإظهار المواهب و تفجير القدرات , و لهذا سعت
الحكومات لبناء و تحديث المنشئات , و دعم النوادي و الجمعيات , بحثا عن
تمثيل أفضل في الأولمبياد و مختلف التظاهرات سواء المحلية الاقليمية و حتى
العالمية منها، و هذه الرياضات أخذت في السنوات الاخيرة توسع نطاقاها و
تزيد شعبيتها في العالم و صارت بين ليلة و ضحاها الشاغل الاول للملايين من
المتتبعين و العشّاق، لكننا نرى أن هناك تشهميش غير مسبوق لأروع الرياضات
الفردية ............ كرة المضرب.
نبذة تاريخية:
هذه الرياضة التي كانت أصولها من القرن الحادي عشر للميلاد علما أن مولدها الغير الرسمي كان في فرنسا حيث عرفت بتنس الفناء court tennis و
من ثم راجت في الأوساط الملكية الفرنسية خلال القرن السادس عشر و السابع
عشر للميلاد , وكانت تلعب في أفنية مسورة بدون قواعد محددة , لكن التنس
الحديثة نشأت بين لوردات انكلترا عام 1873 و في هذه السنة حدد طول الملعب ب
23.77 متر و العرض ب 8.23 متر , و هي تلعب بزوجين يحملان كلامهما مضربين
وكل واحد منهما يحتل جانبا من الملعب و تفصل بينهما شبكة يبلغ ارتفاعها
91.4 سنتمتر, كما أنها تلعب بكرة مطاطية خفيفة الوزن و دائرية الشكل و
يتراوح قطرها ما بين 6.35 و 6.67 سنتمتر , ووزنهما ما بين 56.7 إلى 58.5غ.
أما
عربيا فتشكل أو إتحاد عربي للتنس في مصر سنة 1925 ثم السعودية في سنة 1993
و لا ننسى أن المغرب كانت السباقة لتنظيم تظاهرات عالمية للتنس في مراكش و
الدار البيضاء في السبعينات.
أهميتها:
ربما
يجهل الكثير من الناس أن لرياضة التنس الكثير من الفوائد خاصة على الجسد، و
هذا نظرا للتناسق القائم بين الجزء السفلي و العلوي كما أنها تفيد القلب
لأن التدريب المنتظم طريقة عظيمة لتحسين وظائف القلب والتنس تعمل على تدريب
القلب بانتظام فعندما تجري في الملعب للعب الكرة أثناء النقطة تصل إلى
مستوى مرتفع للحركة ثم يقل ذلك المستوى عندما تستريح لمدة 20-30 ثانية بين
النقطتين كما أن التنس تفيد بطريقة مباشرة الذراعان و الساقان و تزيد من
مرونة الجسم كما تحسن التركيز الذهني للاعب لأنه يجد نفسه ملزما على
التركيز في كل نقطة في المباراة.
في العالم العربي؟
نحن
نعتقد أن هذه الرياضة النبيلة لم تجد في أوطاننا العربية تلك الظروف
المثالية من أجل انتشارها و تطوّرها، بل وجدت نفسها في منافسة شرسة مع بقية
الرياضات الجماعية الاخرى، ككرة القدم و السلة و الطائرة التي تأخذ
الاولوية من قبل أصحاب السلطات المعنية في الوزارات الرياضية، و إذا بحثنا
عن الاسباب المباشرة لهذه الشعبية القليلة لوجدنا:
- · الفقر: ربما إذا بحثنا عن نسبة الطبقة المتوسطة في العالم العربي فسنجدها 79 بالمائة من إجمالي السكان ما بين سنة 1995 و 2005، بالاضافة أن الدخل الفردي السنوي للفرد البسيط هو 2748 دولار في مصر و 2756 دولار في سوريا و 2160 دولار في المغرب و حوالي 2771 دولار في الجزائر، و هذه الدول (مصر سوريا المغرب و الجزائر) تشكل أكثر من 50 بالمئة من سكان العالم العربي، و منه نستنتج أن اغلب سكان العالم العربي يعانون من تهديد الفقر علما أن ثمن المضرب وحده من نوع Wilson هو ما بين 69 دولار إلى 199 دولار، أي أن الشاب العربي البسيط لا يستطيع اقتناء مضرب للممارسة التنس في الملاعب القليلة المنتشرة في مدن الدول العربية، و من هذه الاحصائيات و الاستنتاجات لا يمكننا أن نلقي اللوم على الحكومات المعنية لأنها هي ايضا تفضل دعم الرياضات الغير المكلفة خاصة الجماعية منها.
- · المنافسة: رياضة التنس تجد في العالم العربي منافسة كبيرة من قبل باقي الرياضات العريقة و الغير المكلفة، كالكاراتيه و الكونغو و السباحة و غيرها، و لو نضرنا لهذه الرياضات لوجدتها تعتمد بالأساس على الكفاءة الموفولوجية لا التقنية التي تميز رياضة التنس، لأن الكاراتيه مثلا تعتمد على حركات بسيطة و متنوعة و رشاقة عالية على غرار التنس التي تجمع بين الرشاقة المرونة التركيز و القوة، كما أن التنس تجد نفسها عاجزة عن منافسة الرياضات الجماعية لأن القدرة المادية هي التي تعيق تقدم هذه الرياضة، فكرة القدم أو السلة فتكاليفها رخيصة لأن الكرة مثلا ثمنها 5 دولار فقط مقارنة مع 69 دولار للمضرب و 12 دولار لعلبة الكرات.
اللاعبين العرب
انجب
العالم العربي الكثير من الرياضيين الكبار في الكثير من الرياضات، لكنه
لحد الساعة لم ينجب لنا لاعب تنس كبير يمكنه المنافسة على إحدى القاب
(الماسترز) أو (الغلاند سلام)، لكن هذا لا ينفي وجود بعض الهواة الممارسين
للكرة الصفراء، المنتشرين هنا و هناك و اغلبهم يطمحون لتحقيق الكثير،
كالمصري صبري شريف المصنف 401 و صفوة محمد 850 و ميمون
كريم 357 و بعض الجزائريين كبوراس مهدي 1445 و أوحد لمين 160 و غريب محمد
835 من لبنان ولا ننسى شاكي رضا 386 من المغرب، و هؤلاء بعيدين كل البعد عن
Top 100 لكنهم على الاقل حاولوا
الوصول، و اغلب هؤلاء الرياضيين عانوا من التهميش في بلدانهم خاصة نقص
الاهتمام المادي و المعنوي بهم، و هذا ما جعلني أعتقد أن مستقبل التنس في
العالم العربي مصاب بالسرطان و علاجه صعب جدا حتى في المستقبل القريب.
المنشئات و الدورات العربية:
هنا
يظهر لنا النقص الكبير للمنشئات المخصصة للتنس من ملاعب و نوادي و جمعيات،
كما لا نلاحظ قلّة المنافسات العربية سواء بالنسبة للناشئين و حتى الكبار:
- · الناشئين: كانت أول بطولة مخصصة للناشئين في سنة 1992 في الدار البيضاء بالمغرب مع مشاركة قليلة و صلت ل 4 دول فقط، ثم جاءت السعودية في 1993 بالرياض مع مشاركة 7 دول و تبعتها تونس سنتي 1994 و 1997، و مصري في دورتين سنة 1995 و 1996.
- · الكبار: كانت رزنامة الدورات العربية المخصصة للكبار قليلة جدا و لم تشهد توسعا كبيرا حيث كانت انطلاقتها في طرابلس سنة 1980 ثم المغرب في 1982 و مصر و تونس و السعودية في دورات تأهيلية.
و هذا النشاط الضعيف هو الذي أثر على شعبية هذه الرياضة في العالم العربي منذ عقود.
في
النهاية لا يسعني القول سوى أنه يمكننا المضي قدما، و العمل على تطوير حال
الكرة الصفراء من دمشق إلى الدار البيضاء، لأن لا شيء مستحيل كما قال محمد
علي ( المستحيل ليس حقيقة، هو رأي، هو لا شيء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق