السبت، 30 يونيو 2012

كـــــــــــــــــازخستان ............ بين الماضي و الحاضر










بقلم: مزوار أحمد ياسين

عندما نتحدث عن القارة الآسيوية، فإننا نجد المساحة الاوسع للدول العظمى كروسيا، الصين، اليابان و الهند و حتى القوى الاقتصادية النشيطة كماليزيا و اندوليسيا، لكننا نحتقر بشكل غير مباشر الدول الحديثة خاصة المنشقة عن الاتحاد السوفياتي سابقا في بداية تسعينيات القرن الماضي، لهذا أقدم لكم اليوم نظرة عن قلب آسيا النابض و هي كــــــازخستان.






تقع دولة كازاخستان في قلب القارة الآسوية، و تعرف ببلد أسيا الوسطى، فهي همزة وصل بين الشرق و الغرب و حتى الشمال و الجنوب الآسيوي، فهي تمتلك حدود تقدر ب 12012 كلم مع كل من روسيا، الصين، أوزباكستان، قرغيستان و تركمنستان، وواجهتين بحريتين هما القوقاز و بحر الآرال، كما انها تحتل المرتبة الرابعة آسيويا من حيث المساحة و التاسعة عالميا، و تمتلك على اراضيها اكبر بحيرة مالحة في القارة الصفراء و تدعى ببحيرة "جانكيز شاينكي".

يختلف السكان لحد اليوم على طريقة النطق لاسم "كازخستان" فالسكان الاصليون يفضلون " قزخستان" أما المهاجرون الاتراك المستقرون في البلاد منذ ملايين السنين فهم متشبثون ب "قزقستان" لكن الاسم القديم للمنطقة هو"قبجان"، و هذا الاختلاف البسيط عائد للزمن الغابر، لأن هذه الارض عمرت بالبدو الرحل القادمون من الشمال خاصة الاكبراطورية الروسية، أو الجنوب اي الاتراك المعروفين بتربية الماشية و بعض الصقور الجارحة، لكن حسب الكثير من الوثائق التاريخية، فان المجتمع الاوزبكي كان قبائلي عشائري، استطاعت هذه المجموعات المهاجرة الانصهار بكل سهولة، نظرا للعادات و التقاليد المتقاربة، و الثقافة السائدة التي كان مبدؤها هو قبول الآخر، لكن سرعان ما بدأت الاختلافات و تحولت شيئا فشيئا الى صدامات و حروب طاحنة من اجل الزعامة، مما اضعف المجتمع الاوزبكي و جعله عرضة للغزوات الخارجية، فاصبح تحت جناح  الامبراطورية الصينية ثم الروسية قبل ان ينظم رسميا سنة 1917 الى الاتحاد السوفياتي، لكن كازخسان بقيت منطقة حيوية لان السوفياتيين انجزوا عليها الكثير من المشاريع كمشروع حملة الاراضي العذراء الفضائي، لكن سنة 1991 كانت سنة الطلاق بين الاتحاد و كازاخستان التي اعلنت رسميا انفصالها عن الاتحاد السوفياتي المهزوم في الحرب الباردة امام الولايات المتحدة الأمريكية.




طيلة هذه المراحل التارخية المتقلبة، بقي المسلمون يشكلون حوالي 60 بالمائة من اجمالي السكان مع 30 بالمائة للمسيحيين و 10 بالمائة لباقي الديانات، كما ان مسلمي كازاحستان حافطوا على المبادئ الاسلامية السامية لكنهم عجزوا عن الحفاظ عن اللغة العربية، فالمجتمع الكازخستاني يتحدث اليوم الكازاخستانية و الروسية التي ورثها عن السوفيات.

من الناحية الاقتصادية، يعتمد الاقتصاد الكازخستاني على صدرات البترول، الذي يمثل 55 بالمائة من ميزانية الدولة، و يقدر احتياط البترول في البلاد ما يعادل احتياط العراق، لكن الغاز بدوره يلعب دور كبير في النشاط الاقتصادي الكازخستاني، و تحويل العاصمة من مدينة "الماطي" الى "اكمولا" زاد من سرعة عجلة التنمية المحلية، كما ان الرئيس الحالي "سلطان نزار بييف" فتح باب الاستثمارات الخارجية و اهتم اكثر بقطاع السياحة ، و عمل من 1990 الى يومنا هذا على تحسين الظروف المعيشية للمواطن خاصة في ظل الاستقرار الامني و السياسي في البلاد، لكن مازالت الآثار و اللمسات السوفياتية حاضرة في الساحة السياسية و الاقتصادية الكازاخستانية، فلا تترددو في زيارتها.


الأربعاء، 27 يونيو 2012

تاريخ السينما الفرنسية ....... "وصول الى محطة لاكيوتات"




عندما تسمع كلمة "سينما" تفكر بشكل عفوي في هوليود في الغرب و بوليود في الشرق، لكن تجهل أن فرنسا هي أحد اقطاب هذا الفن الذي اصبح سابع الفنون العالمية، السينما الفرنسية بكل بساطة هي التي اطلقت هذه التجربة حيث حولت صور ملتقطة الى مشاهد درامية تحكي من خلالها قصص واقعية أو خيالية كما تعالج على شاشتها شتى القضايا الاجتماعية و الدينية الحساسة.



مرّت السينما الفرنسية في تاريخها بالعديد من المراحل المهمة، و يمكننا اختصار هذه المراحل في 4 فترات رئيسية  و هي كالتالي: 

1.     ولادة السينما الفرنسية: كانت السينما الفرنسية انطلاقتها في زمن الافلام الصامتة، اي بين عامي 1895 و 1929، و في 22 يناير 1895 دفع الجمهور الفرنسي فرنكا واحدا للجلوس امامة شاشة بيضاء في الصالون الهندي في شارع الكابوسين، ليشاهدو أول عشرة افلام للاخوين (لوميير)، و كانت اول لقطة في تاريخ السينما الفرنسية عبارة عن منظر لخروج العمال من المصنع، كما شاهدوا في تلك الامسية فيلم قصير بعنوان "وصول قطار في محطة لاكيوتات" و مدته لا تتجاوز 50 ثانية، لكن بعد شهور من العمل، استطاع الاخوة (لوميير) من تطوير بعض آلات التصوير، لكنهما فاجئا بأفلام (جورج ميس) الذي صورها بكاميرا اشتراها من لندن بمبلغ كبير جدا، لكن في تلك الفترة ايضا ظهر النجم (شارل بانييه) الذي حول السينما الصامتة في فرنسا الى صنّاعة أي متحركة و اكثر جمالية و حيوية، و يتعبر الرباعي: الاخوان لوميير، بانييه و ميليس هم مؤسسوا السينما الفرنسية.





2.     الانهيار: في سنة 1914، شهدت السينما الفرنسية انهيار كبير نظرا لعدة اسباب منها: المنافسة الشرسة التي لقتها من السينما الامريكية، كما ان الحرب العالمية الاولى اجبرت السلطات الفرنسية على حجز الاستديوهات ثم تحويلها الى مصانع اسلحة و ملحقات عسكرية، كما اجبر الممثلون و المخرجون على حمل السلاح و الالتحاق بصفوف الجيش الفرنسي، لكن الكثير من الشباب الفرنسي استطاعوا التعاون و انتاج بعض الافلام في ضروف صعبة جدا، من ابرز هذه الافلام "ساحة المعركة" و "احذري ايتها الفرنسية"، لكن بعد هذا الاجتهاد عاد الامل في مطلع العشرينيات مع (لويس دولوك و إيبيل غانس)، و في اجتماع لبعض المخرجين و الممثلين في باريس قال جورج شادول كلمته التاريخية "............ السينما الفرنسية تولد من جديد".

3.      العصر الذهبي: دخلت السينما الفرنسية عصرها الذهبي بين 1920 و 1940، حيث انتج اكثر من 60 عالمي حقق الكثير من النجاح داخل فرنسا و خارجها، و من ابرز هذه الافلام "الندبة و اليتيمة"، و ظهر في هذه المرحلة الكثير من النجوم كــ (رينييه كلير) و بعض المخرجين أمثال (ريمون برنارد وجاك فيدير)، لكن في سنة 1923، شهدت الافلام الفرنسية ثورة غير مسبوقة تمثلت في تجسيد المدارس الفنية على الاعمال الدرامية خاصة المدرسة السيريالية التي وجدت طريقا الى الافلام الفرنسية، و استطاع المخرج (لويس نويل) مع الفنان (سلفادور دالي) من انتاج اول فيلم سيريالي بعنوان "كلب اندلسي"، و حقق هذا الفيلم الكثير من النجاح و الشهرة لانه اعطى للمشاهد لمسة فنية جديدة، لكن هذا الفيلم كان مجرد بداية لسلسلة من الافلام الكبيرة كفيلم "مغني الجاز" للمخرج آلان كروسلاند، و هذا الفليم اعتبره النقاد احسن فيلم فرنسي في النصف الاول من القرن العشرين.





4.     سينما الاحتلال و الجيل المعقد: بعد سنة 1958، اطلق على السينما الفرنسية بسينما الاحتلال، نظرا لتناول افلام هذه المرحلة للعديد من القضايا المستوحات من ضروف عيش المعمرين في المستوطنات الفرنسية في شمال ووسط افريقيا و الثورات الشعبية ضد القوات الفرنسية، و كان فيلم "المقطورات" لجان غريميون الاشهر و الاروع على مستوى الانتاج و الاخراج و حتى التوزيع في كل من أوروبا و امريكا ووصولا إلى آسيا و الشرق الاوسط كمصر، و استطاع من خلال هذا الفيلم الوصول الى هوليود و اخراج في استديوهاتها الكثير من الافلام العالمية، لكن مع مرور الوقت، ظهر ما يسمى "بالجيل المعقد" الذي اسقط السينما الفرنسية الى الحضيض، بسبب المواضيع التافهة و اعتماده على المشاهد الجنسية المبالغ فيها.

في النهاية، يجب علينا ادراك اهمية السينما الفرنسية و تاثيرها على السينما العالمية، و اعطاء مساحة اكبر لهذه السينما التي كانت الام الحقيقة للفن السابع.    

الجمعة، 1 يونيو 2012

صيف فرنسا ...... اثارة في نهاره و نجوم تزين لياليه





بقلم: مزوار أحمد ياسين

في بداية كل موسم اصطياف، تكون فرنسا بالتحديد على اهبة الاستعداد لاستقبال المئات من النجوم و عشرات الآلاف من السياح، نظرا لتنوع فعاليتها الرياضية و الثقافية، و تمسكها بتقاليدها المتمثلة في تظاهراتها المتنوعة، التي كانت و مازالت تكتسب اهمية كبيرة عند الفرنسيين، لهذا صيف فرنسا مختلف عن صيف البلدان الأخرى.

سحر الكان



هو احد اكبر المهرجانات السينمائية التي تستقطب اشهر نجوم هوليود و باقي السينمات العالمية، فهو مهرجان سنوي بدأ منذ سنة 1939، و هو عادة ما يقام في شهر مايو، في مدينة كان الجنوبية، التي لا يتجاوز عدد سكانه 70 الف نسمة، فهي ساحرة بشواطئها المتوسطية و مناخها المعتدل، كما انها اشتهرت باستضافتها لهذا المهرجان العالمي، هذا المهرجان الذي يوزع فيه العديد من الجوائز السينمائية المهمة، كجائزة السعة الذهبية لأفضل فيلم في السنة، و هذه الجائزة نالها فيلم عربي وحيد هو الفيلم الجزائري"وقائع سنين الجمر" للمخرج محمد لخضر حمينة سنة 1974، وهو فيلم عالمي بامتياز لأنه نقل بأسلوب هوليودي المعانات التي تحملها الشعب الجزائري اثناء الاحتلال الفرنسي، و ترجع عوامل نجاحه كما ورد في بعض المواقع الكترونية " للممثلين أو السيناريو وإنما السبب الحقيق في نجاحه العالمي المدوي هو التصوير فالمصور الجزائري كان ينقل في الفيلم صورا من الروعة بمكان قلما وجدت في السينما العالمية ولا إن كانت السينما الجزائرية يقال عنها تأثرها بالفن الفرنسي إلا أن هذا الفيلم، فإن تأثير هوليود عليه جليا، تذكر الصور البانورامية فيه بفيلم (علي قدر ما تحمل الرياح) الذي أنتج في هوليود في الخمسينيات ولا يزال يعتبر أروع الافلام الأمريكية "، لكن الجزائر لم تتوقف بل رشحت بفيلم "خارجون عن القانون" للمخرج بوشارب ايضا لنفس الجائزة و جائزة الأوسكار كأحسن فيلم اجنبي لكنه لم ينلهما، لكن قصة الافلام العربية في كان لم تكن جزائرية فقط، فمصر شاركت بالفيلم الكبير "بعد الموقعة" للمخرج يسري نصر الله في هذه السنة، و هذا الفيلم يتحدث عن الثورة المصرية و موقعة الجمل بالتحديد في ميدان التحرير، لكن مهرجان الكان كان دوما تحت سيطرة افلام هوليود بنجومها و نجماتها، لكن الفيلم الاوروبي بدوره ينافس خاصة الفرنسي و الايطالي و حتى البلجيكي، لكن آسيا تكون دائما بعيدة عن اضواء النجومية، فمنذ انطلاق المهرجان فاز الفيلم الصيني "Farewell My Concubine" بجائزة السعة الذهبية سنة 1993 مناصفة مع الفيلم النيوزيلندي "البيانو"، و لمعرفة المزيد عن مهرجان الكان لهذه السنة زورو الرابط التالي http://digital.ahram.org.eg/Arts.aspx?Serial=916244 ، لكن مهرجان الكان مازال يطل بسحره على المياه الدافئة بكل نجومه المتلألئة الامريكية و حتى العالمية منها.


رولان غاروس 



في نهاية كل شهر مايو، تكون عاصمة الانوار باريس على موعد مع بطولة فرنسا المفتوحة للتنس رجال/ نساء، كل سنة، في المجمع رولان غاروس، في احدى ضواحي العاصمة، و هذه البطولة تعتبر ثاني بطولات التنس الكبرى بعد بطولة استراليا  المفتوحة في شهر يناير، و هذه البطولة كانت انطلاقتها في سنة 1891، لكنها كانت للفرنسيين فقط و فتحت للأجانب حتى سنة 1925، و طيلة اكثر من قرن لم تتوقف إلا مرة واحدة، بين 1940 و 1945 اي خظام الحرب العالمية الثانية، و تقدر جوائز هذه البطولة بأكثر من 15 مليون يورو، و تستقبل اكثر من مائة لاعب و لاعبة محترفة كل سنة، كما ان هذا المجمع يستقبل كل سنة الآلاف من السياح و عشاق الكرة الصفراء، و لو نظرنا لأكثر اللاعبين تتويجا بهذه البطولة فنحصرها بين بيون بورغ و رافايل نادال ب 6 القاب، و لو بحثنا عن المشاركة العربية لوجدناها لا تتخطى الدور الثاني، و لهذه المشاركات الكثير من الاسباب ذكرتها في مقالي "حال الكرة الصفراء .... من دمشق الى الدار البيضاء" المنشور على بعض المواقع في شهر مارس من هذه السنة.


طواف فرنسا



تختم فرنسا سلسلة فعالياتها بأشهر طواف في العالم ألا وهو طواف فرنسا العالمي الذي يقام بشكل سنوي منذ سنة 1903 في شهر جويلية ،حيث تبلغ مسافته حوالي 3000 كلم، و يمر على العشرات من المدن الفرنسية، و يسمح هذا الطواف بالتعرف اكثر فأكثر عن الطبيعة الفرنسية الخلابة من جبال شاهقة و هضاب متباينة يغطي اغلبها رداء عشبي طبيعي يصل لمئات الاميال، و تلك المباني العتيقة التي شكلت قرى منتشرة على طول جبال الالب في الغرب الجنوبي، و كل تلك القصور الخرافية التي وصفها جون دان لافونتين و فكتور هوغو، فأصبح هذا الطواف ذات طابع سياحي اكثر منه رياضي، لأنه يفتح ابواب فرنسا للمشاهدين من روعة مدنها الى سحر ريفها، ويستقبل هذا الطواف اكثر من 100 متسابق من كل انحاء العالم، ولم يتوقف هذا الطواف إلا مرة واحدة بسبب الحرب العالمية الثانية، و كان اشهر ابطاله الفرنسي برناند هينو الذي فاز به 5 مرات في مسيرته، و الاسباني ميغال اندوران، و يعتبر هذا الطواف ارثا فرنسيا كما قال الرئيس السابق لفرنسا (نيكولا ساركوزي) عند افتتاحه للطواف العام الماضي "هذا الطواف هو ارث علينا ان نحافظ عليه، لأنه ينقل شخصية فرنسا إلى ألعالم .


الفوائد الاقتصادية



تستقبل فرنسا حسب احصائيات السياحية لسنة 2010 حوالي 76.80 مليون سائح اغلبهم في فصل الصيف، و اكثرهم يزرون فرنسا  من اجل متابعة فعالياتها المتمثلة في الكان، رولان غاروس و طواف فرنسا الدولي، و هكذا يكون الدخل الفرنسي من النشاط السياحي 32 مليار يورو، و لهذا يمكننا ان نستنتج أن فرنسا وضعت استراتيجية سياحية منذ قرن، اعتمدت فيها على هذه الفعاليات العالمية التي سرعان ما صارت عريقة وتحولت الى تقاليد فرنسية خالصة.