السبت، 8 سبتمبر 2012

الحاج عبد الرحمان ..... و رحلة المفتش الطـــاهر





بقلم : مزوار أحمد ياسين


عندما نتصفح المواقع الالكترونية أو نشاهد القنوات الفضائية العربية أو حتى الأجنبية أو نطالع الصحف والمجلات المتنوعة نجدهم يخصصون مساحات واسعة و فقرات كاملة لتمجيد أبطالهم في مختلف الميادين، لكن في الجزائر، ننسى أم نتناسى أبطالنا رغم قلتهم، فنحن اليوم مهووسون بخمسينية الاستقلال، لكن بدل الاحتفال بأبطالنا فتحنا ملفات الفضائح و الانحلال التي كانت جزءا لا يتجزأ من الثورة الكبرى، هي مجرد تصفيات داخلة نزفت جراها الكثير من الدماء الطاهرة الزكية.

لكنني مازلت مندهشا ومستغربا من شريحة واسعة تجهل بشكل كلي أو جزئي رجالا صنعوا الحدث لعدة عقود طويلة، لهذا رأيت اليوم قبل الأمس أن أخصص بعض من وقتي و جهدي لإضاءة و لو جزء بسيط من حياة أسطورة سينمائية تجسدت في شخصية "المفتش الطــــاهر".

نعم المفتش الطاهر كما هو معروف هو أحد أشهر الأسماء الفنية الجزائرية طيلة السنوات الماضية، فهو شخصية مزجت بين الكوميديا و العمل البوليسي الكلاسيكي، لكن أغلب معجبيه يجهلون اسمه نشأته أهم ما أنجزه في حياته الفنية القصيرة.

الحاج عبد الرحمان هو "المفتش الطاهر" من مواليد 12 أكتوبر 1940 في مدينة الجزائر، فهو فنان مسرحي، و مؤلف سينمائي، بدأ مشواره الفني مع علال المهيب الذي كان أستاذه، قبل أن يمثل في مسرحيات محلية في العاصمة، لكن تجربته السينمائية كانت مميزة، لأنه فجر قدراته في فيلمه الأول "المفتش الطاهر" سنة 1972، مع المخرج الكبير موسى حداد، فجعله هذا الفيلم يكسب شهرة واسعة مع مساعده الفنان يحيى بن مبروك الذي جسد دور مساعد المفتش في الفيلم، لكن الحاج عبد الرحمان لم يكتفي بالضجة التي فجرها بفيلمه الأول بل واصل سلسلة نجاحاته بالجزء الثاني من هذه السلسلة و التي تمثلت في فيلم بعنوان " المفتش الطاهر يسجل هدفا" سنة 1977، و تدور قصة هذه السلسلة البوليسية بطابع فكاهي حول المفتش (الحاج عبد الرحمان) و مساعده (يحيى عبد مبروك)، حيث يقومان بمطاردة بعض المجرمين بطريقة فكاهية جعلت الجمهور الجزائري و حتى العربي معجبا بها، لكن هذه السلسلة لم يكتب لها المواصلة، فالحاج عبد الرحمان يصاب بمرض خطير أجبره على اعتزال الساحة الفنية مبكرا، قبل أن يلقى ربه في 5 أكتوبر 1980، بعمر لا يتجاوز 41 سنة.
لكن رغم حياته الفنية القصيرة، لكنه ترك بصمة خاصة في الساحة الفنية بسبب لكنته الجيجلية، أسلوب تعامله مع الأقرباء و الأصدقاء و العاملين في الكواليس، كما أنه نال احترام المنافس قبل الصديق، و حتى في الشارع كان يتلقى معاملة خاصة مع أفراد الشرطة، فهم عاملوه على أنه مفتش حتى في الحياة العادية، ولو يكن هذا إلا تقديرا و إعجابا بما جسده، و كيف قدمه للمشاهدين.

لكن الغريب في الأمر، أن الصحافة سواء السمعية أو السمعية البصرية و حتى المكتوبة، أدارت دهرها عن الراحل الحاج عبد الرحمان، فبدل تكريم مسيرته الحافلة نجدهم يهملون أعماله العظيمة، لكن في من زاوية أخرى هذه حال السينما الجزائرية بشكل خاص و العقلية المتفشية بشكل عام.

لكن في النهاية أتمنى أنا شخصيا أنني أعطيت لكم ولو نبذة قصيرة حياة الفنان الحاج عبد الرحمان، حاولت إحياء ما تركه و نشر ما صنعه.... فهو من آمن بـ "هناك من لا يعملون و يؤلمهم أن يعمل الآخرون".


هناك تعليق واحد:

  1. شكرا اخي الكريم علي هده النبدة و لو قصيرة لشخصية من المع الفنانين المبدعين رحمهم الله جميعا حقا لم ولن نعرف تكريم مثل هؤلاء لاننا بكل بساطة لسنا بقدرهم رحمهم الله جميعا.

    ردحذف